البُوَيْطِيّ (نسبة)
البُوَيْطِيّ: بضم الباء وفتح الواو وسكون الياء المعجمة وفي آخرها الطاء المهملة إلى بويط، وهي قرية بصعيد مصر قرب بوصير قوريدس، وبويط أيضا قرية في كورة أسيوط بالصعيد، وإلى إحداهما ينسب أبو يعقوب يوسف بن يحيى البويطي المصري الفقيه صاحب الشافعي (5) -رضي الله عنهما- الذي درّس في مكان الشافعي بعد موته، وكان حمل إلى بغداد أيام المحنة وانتدب إلى القول بخلق القرآن فامتنع من الإجابة إليه، ولم يزل محبوسا حتى توفي، وكان إماما ربانيا كثير العبادة والزهد، مات في سنة 231. (الأنساب 1/437، معجم البلدان 1/513)
وبوصير بكسر الصاد فياء ساكنة ثم راء مهملة، اسم لأربع قرى بمصر، وإليها نسبة البوصيري وهي بلدة بصعيد مصر. قال صاحب «معجم البلدان»: كتب إلي أبو الربيع سليمان بن عبد الله التميمي المكي في جواب كتاب كتبته إليه من حلب أسأله عنه فقال: سألت ابن الشيخ البوصيري عن سلفه ونسبه وأصله فأخبرني أنهم من المغرب من موضع يسمى المنستير، قال وبالمغرب موضعان يسميان المنستير، أحدهما بالأندلس بين لقنت وقرطاجنة في شرق الأندلس والآخر بقرب سوسة من أرض إفريقية، بينه وبينها اثنا عشر ميلا، قال: ولم يعرفني والدي من أيهما نحن، وكان أول قادم منا إلى مصر جد والدي مسعود، فنزل بوصير قوريدس. (معجم البلدان 1/509، 2/361)
(الجزء الأول)
ترجم السيد أحمد بك صاحب الشافعي أبا يعقوب يوسف بن يحيى البويطي (5)
قال الإمام النووي: هذا أول موضع ذكر فيه البويطي والمزني وهما أجل أصحاب الشافعي -رحمهم اللَّه- فأما البويطي -بضم الباء- فمنسوب إلى بويط قرية من صعيد مصر الأدنى، وهو أبو يعقوب يوسف بن يحيى أكبر أصحاب الشافعي المصريين وخليفته في حلقته بعد وفاته أوصى الشافعي أن يجلس في حلقته البويطي وقال: ليس أحد أحق بمجلسي من يوسف بن يحيى وليس أحد من أصحابي أعلم منه. ودام في حلقة الشافعي إلى أن جرت فتنة القول بخلق القرآن فحملوه إلى بغداد مقيدا ليقول بخلقه فأبى وصبر محتسبا لله تعالى وحبسوه ودام في الحبس إلى أن توفي فيه وجرى له في السجن أشياء عجيبة
وكان البويطي -رضي الله عنه- طويل الصلاة ويختم القرآن كل يوم، قال الربيع: ما رأيت البويطي بعد ما فطنت له إلا رأيت شفتيه يتحركان بذكر أو قراءة. قال: وكان له من الشافعي منزلة وكان الرجل ربما سأل الشافعي مسألة فيقول: سل أبا يعقوب، فإذا أجابه أخبره فيقول هو كما قال. قال الربيع: وما رأيت أحدا أنزع بحجة من كتاب الله تعالى من البويطي وربما جاء إلى الشافعي رسول صاحب الشرطة فيوجه الشافعي ويقول هذا لساني. وقال أبو الوليد بن أبي الجارود: كان البويطي جاري وما انتبهت ساعة من الليل إلا سمعته يقرأ ويصلي.
وكان الشافعي قال لجماعة من أصحابه: أنت يا فلان يجري لك كذا وأنت كذا، وقال للبويطي: ستموت في حديدك. فكان كما تفرس جرى لكل واحد ما ذكره ودعي البويطي إلى القول بخلق القرآن فأبى فقيد وحمل إلى بغداد. قال الربيع: رأيت البويطي وفي رجليه أربع حلق قيود فيها أربعون رطلا وفي عنقه غل مشدود إلى يده وتوفي في السجن في رجب سنة إحدى وثلاثين ومائتين
وأما المزني فهو ناصر مذهب الشافعي، وهو أبو إبراهيم إسماعيل بن يحيى بن إسماعيل بن عمرو بن إسحاق بن مسلم بن نهدلة بن عبد الله المصري، قال المصنف في «الطبقات»: كان المزني زاهدا عالما مجتهدا مناظرا محجاجا غواصا على المعاني الدقيقة صنف كتبا كثيرة منها: «الجامع الكبير» و«الجامع الصغير» و«المختصر» و«المنثور» و«المسائل المعتبرة» و«الترغيب في العلم» و«كتاب الوثائق». قال الشافعي: المزني ناصر مذهبي. قال البيهقي: ولما جرى للبويطي ما جرى كان القائم بالتدريس والتفقيه على مذهب الشافعي المزني. وأنشد لمنصور الفقيه لم تر عيناي وتسمع أذني أحسن نظما من كتاب المزني. وأنشد أيضا في فضائل «المختصر» وذكر من فضائله شيئا كثيرا. قال البيهقي ولا نعلم كتابا صنف في الإسلام أعظم نفعا وأعم بركة وأكثر ثمرة من «مختصره»، قال: وكيف لا يكون كذلك واعتقاده في دين الله تعالى ثم اجتهاده في الله تعالى ثم في جمع هذا الكتاب ثم اعتقاد الشافعي في تصنيف الكتب على الجملة التي ذكرناها -رحمنا الله وإياهما- وجمعنا في جنته بفضله ورحمته
وحكى القاضي حسين عن الشيخ الصالح الإمام أبي زيد المروزي -رحمه الله- قال: من تتبع المختصر حق تتبعه لا يخفى عليه شيء من مسائل الفقه فإنه ما من مسألة من الأصول والفروع إلا وقد ذكرها تصريحا أو إِشارة. وروى البيهقي عن أبي بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة إمام الأئمة قال: سمعت المزني يقول: كنت في تأليف هذا الكتاب عشرين سنة وألفته ثمان مرات وغيرته وكنت كلما أردت تأليفه أصوم قبله ثلاثة أيام وأصلي كذا وكذا ركعة. وقال الشافعي: لو ناظر المزني الشيطان لقطعه. وهذا قاله الشافعي والمزني في سن الحداثة ثم عاش بعد موت الشافعي ستين سنة يقصد من الآفاق وتشد إليه الرحال حتى صار كما قال أحمد بن صالح: لو حلف رجل أنه لم ير كالمزني لكان صادقا. وذكروا من مناقبه في أنواع طرق الخير جملا نفيسة لا يحتمل هذا الموضع عشر معشارها وهي مقتضى حاله وحال من صحب الشافعي توفي المزني بمصر ودفن يوم الخميس آخر شهر ربيع الأول سنة أربع وستين ومائتين. قال البيهقي: يقال كان عمره سبعا وثمانين سنة
فهذه نبدة من أحوال البويطي والمزني ذكرتها تنبيها للمتفقه ليعلم محلهما وقد استقصيت أحوالهما بأبسط من هذا في «تهذيب الأسماء» وفي «الطبقات» وبالله التوفيق. وقوله قال في «البويطي» معناه قال الشافعي في الكتاب الذي رواه البويطي عن الشافعي فسمي الكتاب باسم مصنفه مجازا كما يقال قرأت البخاري ومسلما والترمذي والنسائي وسيبويه ونظائرها، والله أعلم. انتهى كلام الإمام النووي -رحمه الله تعالى- (المجموع 1\106)
فائدة: ينسب إلى بويط أبو عبد الله محمد بن عمر الشيرازي وليس من بويط كان يدرس كتاب البويطي فينسب إليه
(الجزء الثاني)
وترجم لابن قماقم (1755) الذي أخذ عن البلقيني وكان يستحضر «البويطي» وكان البلقيني يسميه: البويطي الكبير
مرشد الأنام: طبقات الشافعية (الجزء الأول)